وقال الثعلبى :
﴿ وَآخَرُونَ ﴾
يعني ومن أهل المدينة آخرون أو من الأعراب وليس براجع إلى المنافقين ﴿ اعترفوا ﴾ أقرّوا بك وبربّهم ﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾ وهو إقرارهم وتوبتهم ﴿ وَآخَرَ سَيِّئاً ﴾ أي بعمل سيّء وضع الواو موضع الياء فكما يُقال : إستوى الماء والخبث أي بالخبث وخلطت الماء واللبن أي باللبن فالعمل السيء تخلفهم عن رسول الله ﷺ وتركهم الجهاد ﴿ عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ وعسى ولعل من الله واجب وهما حرف ترجّ.
﴿ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ نزلت هذه الآية في " قوم كانوا تخلفوا عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك ثم ندموا عليه وتذمموا، وقالوا : نكون في الكن والظلال مع النساء ورسول الله ﷺ في الجهاد والله لنوثقنّ أنفسنا بالقيود في أيدينا حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يطلقنا أو يعذبنا، وبقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله ﷺ مرّ بهم فرآهم فقال : مَن هؤلاء؟ قالوا : تخلّفوا عنك فعاهدوا الله ألاّ يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وتعذرهم، فقال رسول الله ﷺ :" وأنا أقسم بالله لا أُطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم، رغبوا عني وتخلّفوا عن الغزو مع المسلمين " فأنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت أرسل إليهم النبي ﷺ فأطلقهم وعذرهم فلما أُطلقوا قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلّفتنا عنك فتصدّق بها عنا وطهّرنا واستغفر لنا.
فقال رسول الله ﷺ :" ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً " فأنزل الله عزّوجل :﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾ الآية ". أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon