" فصل "
قال الإمام نظام الدين النيسابورى فى الآيات السابقة :
﴿ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٠) ﴾
إلى قوله تعالى :
﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩) ﴾
التفسير : لما شرح أحوال منافقي المدينة شرع في أحوال المنافقين من أهل البدو فقال ﴿ وجاء المعذرون ﴾ من قرأ بالتخفيف فهو من أعذر إذا اجتهد في العذر وبالغ فيه ومنه قولهم : من أنذر فقد أعذر. فكأنه تعالى فصل بين أصحاب العذر وبين الكافرين ؛ فالمعذرون هم الذين أتوا بالعذر وهم أسد وغطفان قالوا : إن لنا أتباعاً وعيالاً وإن بنا جهداً فأذن لنا في التخلف. وقيل : هم رهط عامر بن الطفيل قالوا : إن غزونا معك أغارت أعراب طيء على أهالينا ومواشينا فقال صلى الله عليه وآله : سيغنيني الله عنكم. وعن مجاهد : نفر من غفار. ومن قرأ بالتشديد ففيه وجهان : الأوّل أن يكون من التعذير وهو التقصير في الأمر والتواني فيه وحقيقته أن يوهم أن له عذراً فيما يفعل ولا عذر له. الثاني وقد ذكره الفراء والزجاج وابن الأنباري أنه من الاعتذار والأصل فيه المعتذرون أدغمت التاء في الذال بعد نقل حركتها إلى العين. والاعتذار قد يكون بالكذب كقوله تعالى :﴿ يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا ﴾ وقد يكون صحيحاً كقول القائل :