" إن الصدقة لتقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف السائل فيربيها كما يربي أحدكم فَلُوَّه أو فَصِيله والله يضاعف لمن يشاء " قال علماؤنا رحمة الله عليهم في تأويل هذه الأحاديث : إن هذا كناية عن القبول والجزاء عليها ؛ كما كنى بنفسه الكريمة المقدسة عن المريض تعطفاً عليه بقوله :" يابن آدم مَرِضت فلم تَعُدْني " الحديث.
وقد تقدّم هذا المعنى في "البقرة".
وخصّ اليمين والكف بالذكر إذ كل قابل لشيء إنما يأخذه بكفه وبيمينه أو يوضع له فيه ؛ فخرج على ما يعرفونه، والله جل وعز منزّه عن الجارحة.
وقد جاءت اليمين في كلام العرب بغير معنى الجارحة ؛ كما قال الشاعر :
إذا ما رايةٌ رفعت لمجْدٍ...
تلقّاها عَرابة باليمينِ
أي هو مؤهل للمجد والشرف، ولم يُرد بها يمين الجارحة، لأن المجد معنًى فاليمين التي تتلقى به رايته معنى.
وكذلك اليمين في حق الله تعالى.
وقد قيل : إن معنى " تربو في كف الرحمن " عبارة عن كِفة الميزان التي توزن فيها الأعمال، فيكون من باب حذف المضاف ؛ كأنه قال : فتربو كِفّة ميزان الرحمن.
وروي عن مالك والثوري وابن المبارك أنهم قالوا في تأويل هذه الأحاديث وما شابهها : أَمِرُّوها بلا كَيْف ؛ قاله الترمذِي وغيره.
وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon