وقيل : معنى التخصيص في هو، أن ذلك ليس إلى رسول الله ﷺ، إنما الله سبحانه هو الذي يقبل التوبة ويردها، فاقصدوه، ووجهوها إليه، لأن كثرة رجوعهم إليه، صلوات الله عليه، مظنة لتوهم ذلك.
الثالث : تعدية القبول بعن، لتضمنه معنى التجاوز، والعفو عن ذنوبهم التي تابوا عنها، وقيل : عن هنا بمعنى من، كما يقال : أخذت هذا منك وعنك.
الرابع : الأخذ هنا استعارة للقبول والإثابة، لأن الكريم والكبير إذا قبل شيئاً عوّض عنه، وقد يجعل الإسناد إلى الله مجازاً مرسلاً.
وقيل : في نسبة الأخذ إلى الرسول ﷺ في قوله : خُذْ، ثم إلى ذاته تعالى، إشارة إلى أن أخذ الرسول ﷺ، قائم مقام أخذ الله، تعظيماً لشأن نبيه، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايعُونَ اللَّهَ ﴾.
الخامس : جملة :﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ تأكيد لما عطف عليه، وزيادة تقرير لما يقرره، مع زيادة معنى ليس فيه، كما أفادته صيغة المبالغة التي تفيد تكرر ذلك منه أي : ألم يعلموا أنه المختص بقبول التوبة، وأن ذلك سنة مستمرة له، وشأن دائم ؟
لطيفة :
نقل ابن كثير عن الحافظ ابن عساكر، عن حَوْشَب قال : غزا الناس في زمن
معاوية، وعليهم عبد الرحمن بن الخالد بن الوليد، فغلَّ رجل من المسلمين مائة دينار رومية، فلما قفل الجيش ندم، وأتى الأمير، فأبى أن يقبلها منه، وقال : قد تفرق الناس، ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرجل يأتي الصحابة، فيقولون له مثل ذلك.


الصفحة التالية
Icon