وقال ابن كثير :
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾
قال مجاهد : هذا وَعيد، يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرَضُ عليه تبارك وتعالى، وعلى الرسول، وعلى المؤمنين. وهذا كائن لا محالة يوم القيامة، كما قال :﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة : ١٨]، وقال تعالى :﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾ [الطارق : ٩]، وقال ﴿ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [العاديات : ١٠] وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ أنه قال :"لو أن أحدكم يعمل في صخرة صَماء ليس لها باب ولا كُوَّة، لأخرج الله عمله للناس كائنًا ما كان". (١).
وقد ورد : أن أعمال الأحياء تُعرَض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ، كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا الصلت بن دينار، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :"إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم، فإن كان خيرًا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا :"اللهم، ألهمهم أن يعملوا بطاعتك". (٢)
وقال الإمام أحمد : أخبرنا عبد الرزاق، عن سفيان، عمَّن سمع أنسًا يقول : قال النبي ﷺ :"إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرًا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم، لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا". (٣)
وقال البخاري : قالت عائشة، رضي الله عنها : إذا أعجبك حُسن عمل امرئ، فقل :﴿ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ (٤).
(٢) مسند الطيالسي برقم (١٧٩٤).
(٣) المسند (٣/١٦٤) وقال الهيثمي في المجمع (٢/٢٢٨) :"وفيه رجل لم يسم".
(٤) صحيح البخاري (١٣/٥٠٣ "فتح").