قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى إيجَابَ فَرْضِ الزَّكَاةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ مُفْتَقِرٍ إلَى الْبَيَانِ فِي الْمَأْخُوذِ، وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَقَادِيرِ الْوَاجِبِ، وَالْمُوجِبِ فِيهِ وَوَقْتِهِ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ وَمَا يَنْصَرِفُ فِيهِ، فَكَانَ لَفْظُ الزَّكَاةِ مُجْمَلًا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَقَالَ تَعَالَى :﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾ فَكَانَ الْإِجْمَالُ فِي لَفْظِ الصَّدَقَةِ دُونَ لَفْظِ الْأَمْوَالِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ اسْمُ عُمُومٍ فِي مُسَمَّيَاتِهِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ خَاصٌّ فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ دُونَ جَمِيعِهَا، وَالْوُجُوبَ فِي وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ دُونَ سَائِرِهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ، وَالْمَحْرُومِ ﴾ وَكَانَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَوْكُولًا إلَى بَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ قَالَ : سَمِعْت حَبِيبًا الْمَالِكِيَّ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : يَا أَبَا نُجَيْدٍ إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَنَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ : أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً شَاةً وَمِنْ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا