وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَحْتَجُّ مَنْ اعْتَبَرَ الزِّيَادَةَ أَرْبَعِينَ بِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ وَلَيْسَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ الدِّرْهَمِ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ﴾ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ هَاتُوا زَكَاةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ ﴾ فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ قَوْلِهِ ﴿ فِي كُلّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ﴾ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَهُ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ فِيهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ وَإِذَا كَثُرَتْ الْغَنَمُ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ ﴾ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ هَذَا مَالٌ لَهُ نِصَابٌ فِي الْأَصْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَفْوٌ بَعْدَ النِّصَابِ كَالسَّوَائِمِ، وَلَا يَلْزَمُ أَبَا حَنِيفَةَ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ ؛ لِأَنَّهُ لَا نِصَابَ لَهُ فِي الْأَصْلِ عِنْدَهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُمَا أَنَّ لِزَكَاةِ الثِّمَارِ نِصَابًا فِي الْأَصْلِ ثُمَّ لَمْ يَجِبْ اعْتِبَارُ مِقْدَارٍ بَعْدَهُ بَلْ الْوَاجِبُ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ، كَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَلَوْ سَلِمَ لَهُمَا ذَلِكَ كَانَ قِيَاسُهُ عَلَى السَّوَائِمِ، أَوْلَى مِنْهُ عَلَى الثِّمَارِ ؛ لِأَنَّ السَّوَائِمَ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الْحَقِّ فِيهَا بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ وَمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْحَقُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَمُرُورُ


الصفحة التالية
Icon