القول الثاني : أن يكون تطهرهم معلقاً بالصدقة، والتقدير : خذ من أموالهم صدقة مطهرة، وإنما حسن جعل الصدقة مطهرة لما جاء أن الصدقة أوساخ الناس، فإذا أخذت الصدقة فقد اندفعت تلك الأوساخ فكان اندفاعها جارياً مجرى التطهير، والله أعلم.
إن على هذا القول وجب أن نقول : إن قوله :﴿وَتُزَكّيهِمْ﴾ يكون منقطعاً عن الأول، ويكون التقدير ﴿خُذْ﴾ يا محمد ﴿مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ﴾ تلك الصدقة، وتزكيهم أنت بها.
القول الثالث : أن يجعل التاء في ﴿تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ﴾ ضمير المخاطب، ويكون المعنى : تطهرهم أنت أيها الآخذ بأخذها منهم وتزكيهم بواسطة تلك الصدقة.
المسألة الرابعة :
قال صاحب "الكشاف" : قرىء ﴿تُطَهّرُهُمْ﴾ من أطهره بمعنى طهره ﴿وتطهرهم﴾ بالجزم جواباً للأمر، ولم يقرأ ﴿وَتُزَكّيهِمْ﴾ إلا بإثبات الياء.
ثم قال تعالى :﴿وَتُزَكّيهِمْ﴾ واعلم أن التزكية لما كانت معطوفة على التطهير وجب حصول المغايرة، فقيل : التزكية مبالغة في التطهير، وقيل : التزكية بمعنى الإنماء، والمعنى : أنه تعالى يجعل النقصان الحاصل بسبب إخراج قدر الزكاة سبباً للإنماء، وقيل : الصدقة تطهرهم عن نجاسة الذنب والمعصية، والرسول عليه السلام يزكيهم ويعظم شأنهم ويثني عليهم عند إخراجها إلى الفقراء.
ثم قال تعالى :﴿وَصَلّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلواتك سَكَنٌ لَّهُمْ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ﴿إن صلاتك﴾ بغير واو وفتح التاء على التوحيد، والمراد منه الجنس، وكذلك في سورة هود ﴿أَصَلاتكَ تَأْمُرُكَ﴾ بغير واو وعلى التوحيد، والباقون ﴿صلواتك﴾ وكذلك في هود على الجمع، قال أبو عبيدة : والقراءة الأولى أولى لأن الصلاة أكثر.