وقال القاسمى :
﴿ لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾
أي : لا يزال هدمه سبب شك ونفاق زائد على شكهم ونفاقهم، لا يزول وَسْمُهُ عن قلوبهم، ولا يضمحلّ أثره ﴿ إِلّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي : قطعاً، وتتفرق أجزاءًَ، فحينئذ يسلون عنه.
وأما ما دامت سالمة مجتمعة، فالريبة باقية فيها متمكنة، فيجوز أن يكون ذكر التقطيع تصويراً لحال زوال الريبة عنها، ويجوز أي : يراد حقيقة تقطيعها وتمزيقها بالموت، أو بعذاب النار.
وقيل : معناه إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندماً وأسفاً على تفريطهم ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ أي : بنياتهم ﴿ حَكِيمٌ ﴾ أي : فيما أمر بهدم بنيانهم، حفظاً للمسلمين عن مقاصدهم الرديئة.
تنبيهات :
الأول : قال الزمخشري : في مصاحف أهل المدينة والشام :﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا ﴾ بغير واو، لأنها قصة على حيالها، وفي سائرها بالواو على عطف قصة مسجد
الضرار الذي أحدثه المنافقون على سائر قصصهم.
الثاني : سبب نزول هذه الآيات أنه كان بالمدينة، قبل مقدم رسول الله ﷺ إليها، رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية، وقرأ علم أهل الكتاب، وكان فيه عبادة في الجاهلية، وله شرف في الخزرج كبير.