الْكُفْرِ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مَسْجِدِهِمْ (مَسْجِدِ قُبَاءَ) الَّذِي أُسِّسَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ عَلَى التَّقْوَى، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذَلِكَ مَنْ هَدَمَهُ قَبْلَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ - وَذَكَرَ رِوَايَتَهُ بِمَعْنَى مَا ذُكِرَ مُخْتَصَرَةً ا هـ.
وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي خَبَرِ أَبِي عَامِرٍ الْفَاسِقِ هَذَا أَنَّهُ مَا زَالَ يُقَاتِلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى يَوْمِ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ يَئِسَ وَخَرَجَ هَارِبًا إِلَى الشَّامِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُنَافِقِينَ أَنِ اسْتَعِدُّوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَسِلَاحٍ، وَابْنُوا لِي مَسْجِدًا فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى قَيْصَرَ مِلْكِ الرُّومِ فَآتٍ بِجُنْدٍ مِنَ الرُّومِ إِلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
(لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا) هَذَا نَهْيٌ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِالتَّبَعِ لَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ مُؤَكَّدٌ بِلَفْظِ الْأَبَدِ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ الزَّمَنَ الْمُسْتَقْبَلَ، وَتَفْسِيرُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ هُنَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَعْهُودٌ فِي التَّنْزِيلِ كَقَوْلِهِ :(وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (٢ : ٢٣٨) وَقَوْلِهِ :(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) (٧٣ : ٢) وَالنَّهْيُ عَنِ الْقِيَامِ الْمُطْلَقِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ، وَلَكِنَّهَا


الصفحة التالية
Icon