وقال السمرقندى :
﴿ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ﴾
يعني : لا تصلِّ فيه أبداً، لأنهم طلبوا من رسول الله ﷺ أن يأتي ويصلي فيه، لكي يتبرك بصلاته فيه، فنهاه الله عن ذلك ونزل ﴿ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ﴾ ثم قال :﴿ لَّمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى التقوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ﴾، يعني : المسجد الذي بني على التوحيد من أول يوم.
قال الأخفش : بني لوجه الله تعالى منذ أول يوم، ويقال : بني للذكر والتكبير والتهليل وإظهار الإسلام وقهر الشرك من أول يوم بني.
ثم قال :﴿ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ﴾، يعني : أولى وأجدر أن تصلي فيه.
ثم قال :﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ ﴾، يعني : الاستنجاء بالماء، ويقال : يحبون أن يتطهروا يعني : يطهروا أنفسهم من الذنوب.
وذلك أن ناساً من أهل قباء كانوا إذا أتوا الخلاء، استنجوا بالماء وهم أول من فعل ذلك واقتدى بهم من بعدهم وروي في الخبر أن النبي ﷺ وقف بباب المسجد بعد نزول الآية وقال لمن فيه :
" إنّ الله قَدْ أحْسَنَ عَلَيْكُمْ الثَّنَاءَ فِي طَهُورِكُمْ فَبِمَ تَطَهَّرُونَ " قالوا : نستنجي بالماء، فقرأ عليهم رسول الله ﷺ الآية، وذلك قوله :﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ والله يُحِبُّ المطهرين ﴾.
وقال سعيد بن المسيب : المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد المدينة الأعظم.
وعن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجلان على عهد رسول الله ﷺ في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما : هو مسجد رسول الله، وقال الآخر : هو مسجد قباء.
فذكر ذلك إلى رسول الله ﷺ، فقال :" هُوَ مَسْجِدِي هذا ".
وروي، عن ابن عباس أنه قال :" هُوَ مَسْجِدُ قباء ". أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon