واختلف القراء في إمالة ﴿ هار ﴾ و﴿ انهار ﴾، وتأسيس البناء على تقوى إنما هو بحسن النية فيه وقصد وجه الله تعالى وإظهار شرعه، كما صنع بمسجد النبي ﷺ وفي مسجد قباء.
والتأسيس ﴿ على جرف هار ﴾ إنما هو بفساد النية وقصد الرياء والتفريق بين المؤمنين، فهذه تشبيهات صحيحة بارعة، و﴿ خير ﴾ في هذه الآية تفضيل ولا شركة بين الأمرين في خير إلا على معتقد يأتي مسجد الضرار، فبحسب ذلك المعتقد صح التفضيل، وقوله ﴿ فانهار به في نار جهنم ﴾ الظاهر منه وما صح من خبرهم وهدم رسول الله ﷺ مسجدهم أنه خارج مخرج المثل، أي مثل هؤلاء المضارين من المنافقين في قصدهم معصية الله وحصولهم من ذلك على سخطه كمن ينهار بنيانه في نار جهنم، ثم اقتضب الكلام اقتضاباً يدل عليه ظاهره، وقيل بل ذلك حقيقة وإن ذلك المسجد بعينه انهار في نار جهنم، قاله قتادة وابن جريج.
وروي عن جابر بن عبد الله وغيره أنه قال : رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروي في بعض الكتب أن رسول الله ﷺ رآه حين انهار حتى بلغ الأرض السابعة ففزع لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروي أنهم لم يصلوا فيه أكثر من ثلاثة أيام أكملوه يوم الجمعة وصلوا فيه يوم الجمعة وليلة السبت وانهار يوم الاثنين.
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله بإسناد لين، وما قدمناه أصوب وأصح، وكذلك بقي أمره والصلاة فيه من قبل سفر رسول الله ﷺ إلى تبوك إلى أن يقبل صلى الله عليه وسلم.
وقوله ﴿ والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ : طعن على هؤلاء المنافقين وإشارة إليهم، والمعنى لا يهديهم من حيث هم الظالمون، أو يكون المراد الخصوص فيمن يوافي على ظلمه، وأسند الطبري عن خلف بن ياسين أنه قال : رأيت مسجد المنافقين الذين ذكر الله في القرآن، فرأيت فيه مكاناً يخرج منه الدخان، وذلك في زمن أبي جعفر المنصور.
وروي شبيه بهذا أو نحوه عن ابن جريج أسنده الطبري. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon