فائدة
قال الشيخ الشنقيطى
قوله تعالى :﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ الآية هذه الآية يدل ظاهرها على أن المنافقين لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يبصرون، وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك كقوله تعالى :﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ وكقوله :﴿وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِم﴾ الآية، أي لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم، وقوله :﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَاد﴾ إلى غير ذلك من الآيات، ووجه الجمع ظاهر، وهو أنهم بكم عن النطق بالحق وإن رأوا غيره، وقد بين تعالى هذا الجمع بقوله :﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً﴾ الآية، لأن مالا يغني شيئا فهو كالمعدوم والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي لا أثر له ومنه قول قعنب بن أم صاحب :
وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به
وقول الشاعر :
وأسمع خلق الله حين أريد
أصم عن الأمر الذي لا أريده
عن الجود والفخر يوم الفخار
فأصممت عمرا وأعميته
وكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم.
قال هبيرة بن أبي وهب المخزومى :
لك النبل تهوي ليس فيها نصالها
وإن كلام المرء في غير كنهه. أ هـ ﴿دفع إيهام الاضطراب صـ ١٠ ـ ١١﴾