وقيل : بل السّين للطلب، ورجّح قول الأخفش بأن كونه للطَّلب يستدعي حذف جملة، ألا ترى أن المعنى : استدعوا ناراً فأوقدوها، فلما أضاءت ؛ لأن الإضاءة لا تنشأ عن الطلب إنما تنشأ عن الإيقاد.
والفاء في قوله :" فَلَمَّا " للسبب.
وقرأ ابن السَّميفع :" كمثل الذين " بلفظ الجمع، واستوقد بالإقراد، وهي مُشْكلة، وقد خرجوها على أوجه أضعف منها وهي التوهّم، أي : كأنه نطق بـ " مَنْ " ؛ إذا أعاد ضمير المفرد على الجمع كقولهم، " ضربني وضربت قومك " أي : ضربني من، أو يعود على اسم فاعل مفهوم من " استوقد "، والعائد على الموصول مَحْذوف، وإن لم يكمل شرط الحذف، والتقدير : استوقدها مستوقدٌ لهم.
وهذه القراءة تقوّي قول من يقول : إنّ أصل " الذي " :" الذين "، فحذفت النون.
و" لَمَّا : حرف وجوب لوجوب هذا مذهب سيبويه.
وزعم الفارسي وتبعه أبو البقاء، أنها ظرف بمعنى " حين "، وأن العامل فيها جوابها، وقد ردّ عليه بأنها أجيبت بـ " ما " النافية، و " إذا " الفُجائية، قال تعالى :﴿فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً﴾ [ فاطر : ٤٢ ].
وقال تعالى :﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [ العنكبوت : ٦٥ ]، و " ما " النافية، و " إذا الفجائية لا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما، فانتفى أن تكون ظرفاً.
وتكون بمعنى " إلاّ " قال تعالى :﴿وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا﴾ [ الزخرف : ٣٥ ] في قراءة من قرأ بالتَّشديد.
و" أضاء " : يكون لازماً ومتعدياً، فإن كان متعدياً، ف " ما " مفعول به، وهي موصولة، و " حوله " ظرف مكان مخفوض به، صِلةٌ لها، ولا يتصرّف، وبمعناه : حَوَال ؛ قال الشاعر :[ الرجز ].
وأَنَا أَمْشِي الدَّأَلَى حَوَالَكَا...
ويُثَنَّيان ؛ قال عليه الصلاة والسلام :" اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ".
ويجمعان على " أَحْوال ".


الصفحة التالية
Icon