وإن كان " ترك " متعدياً لواحد كان " في ظُلُمَاتٍ " متعلّقاً بـ " تركهم "، و " لا يبصرون " حال مؤكّدة، ويجوز أن يكون " في ظُلُمَاتٍ " حالاً من الضَّمير المنصوب في " تركهم "، فيتعلّق بمحذوف، و " لا يبصرون " حال أيضاً، إما من الضمير في تركهم، فيكون له حالان، ويجري فيه الخلاف المتقدّم، وإما من الضمير المرفوع المستكنّ في الجار والمجرور قبله، فتكون حالين متداخلتين.
فصل في سبب حذف المفعول
فإن قيل : لم حذف المفعول من " يبصرون " ؟
فالجواب : أنه من قبيل المَتْرُوك الذي لا يلتفت إلى إخطاره بِالبَالِ، لا من قبيل المقدّر المَنْوِيّ كأنّ الفعل غير متعدٍّ أصلاً.
والنَّار : جوهر لطيف مضيء حامٍ محرق، واشتقاقها من نَارَ يَنُورُ إذا نفر ؛ لأن فيها حركةً واضطراباً، والنور مشتق منها، وهو ضوؤها، والمنار العلامة، والمَنَارة هي الشَّيء الذي يؤذن عليها ويقال أيضاً للشيء الذي يوضع عليه السّراج منارة، ومنه النُّورَة لأنها تطهر البدن، والإضاءة فرط الإنارة، ويؤيده قوله تعالى :﴿هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً﴾ [ يونس : ٥ ].
وما حول الشيء فهو الذي يتّصل به تقول : دار حوله وحواليه.
والحًوْل : السَّنة ؛ لأنها تحول، وحال العَهْدِ أي : تغير، ومنه حال لونه.
والحوالة : انقلاب الحّقّ من شخص إلى شخص، والمُحَاولة : طلب الفعل بعد أن لم يكن طالباً له، والحَوَل : انقلاب العَيْنِ، وَالحِوَل : الانقلاب قال تعالى :﴿لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً﴾ [ الكهف : ١٠٨ ].
والظّلمة : عدم النُّور عما من شأنه أنْ يَسْتَنِيرَ، والظّلم في الأصل عِبَارةٌ عن النُّقصان قال تعالى :﴿ءَاتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئاً﴾ [ الكهف : ٣٣ ] أي : لم تَنْقُص.
والظّلم : الثلج، لأنه ينقص سريعاً.
والظَّلَمُ : ماء آسنٌ وطلاوته وبياضه تشبيعاً له بالثلج. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ١ صـ ٣٧٠ ـ ٣٨٢﴾. باختصار.