مثلا إذا أخذنا قصة زعيم المنافقين عبد الله بن أُبَيِّ، نرى أن رسول الله ﷺ دخل المدينة وأهلها يستعدون لتتويج عبد الله بن أبي ملكا عليها.. وعندما وصل رسول الله ﷺ انصرف الناس عن عبد الله بن أبي إلى استقبال الرسول عليه الصلاة والسلام.. فوصول الرسول عليه الصلاة والسلام ضيع على عبد الله بن أبي الْمُلْك.. ولقد كان من الممكن أن يؤمن.. وأن يلتمس النور من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولو آمن حينئذ ربما أعطى في الآخرة ملكا دائما.. يفوق الملك الذي كان سيحصل عليه في الدنيا.. ولكن لأن في قلبه الدنيا وليس الدين.. ولأنه يريد رفعة في الدنيا.. ولا يريد جنة في الآخرة، فقد ملأ الحقد قلبه فكان ظلمة.. وملأ الحسد قلبه فكان ظلمة.. وملأت الحسرة قلبه فكانت ظلمة.. وملأت الكراهية والبغضاء قلبه فكانت ظلمة.. إذن هي ظلمات متعددة..
وهكذا في قلب كل منافق ظلمات متعددة.. ظلمة الحقد على المؤمنين وظلمة الكراهية لهم.. وظلمة تمني هزيمة الإيمان.. وظلمة تمني أن يصيبهم سوء وشر.. وظلمة التمزق والألم من الجهد الذي يبذله للتظاهر بالإيمان وفي قلوبهم الكفر.. كل هذه ظلمات.. ولكن لا تحاول أن تأخذها بمقاييس عقلك.. والمفروض أن المثل هنا لتقريب المعنى.. لأنك إذا قرأت قول الحق سبحانه وتعالى :﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾[الإسراء : ٤٥]