وقال السمرقندى :
قوله تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ ﴾
يعني : ما ينبغي وما جاز للنبي والذين آمنوا ﴿ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾.
وروي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت له : أتستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال : ألم يستغفر إبراهيم لأبويه وهما مشركان؟ فذكرت ذلك للنبي ﷺ، فنزل ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾.
﴿ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قربى ﴾، يعني : ذا قرابة في الرحم.
﴿ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الجحيم ﴾، يعني : أهل النار وماتوا على الكفر وهم في النار.
ويقال أراد النبي ﷺ أن يستغفر لأبويه وهما مشركان، واستأذن منه المسلمون أن يستغفروا لآبائهم، فنهاهم الله عن ذلك، وقال :﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾.
وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه قال : خرج رسول الله ﷺ وخرجنا معه، حتى انتهينا إلى قبر فجلس إليه فناجاه طويلاً، ثم رفع رأسه باكياً، فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن النبي ﷺ أقبل إلينا، فتلقاه عمر رضي الله عنه وقال : ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ فأخذ بيد عمر وأقبل إلينا، فأتيناه فقال :" أفْزَعَكُمْ بُكَائِي " فقلنا : نعم يا رسول الله.
فقال :" إنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي أُنَاجِيهِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتُ وَهْبٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَإنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي بِالاسْتِغْفَارِ لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فأنزِل الله ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ ﴾ فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ لِلْوَالِدَيْنِ مِنَ الرِّقَّةِ، فذلك الَّذِي أبْكَانِي ".
وروى أبو هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال " اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِوَالِدَيَّ، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاْستَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهُمَا، فَأَذِنَ لِي " فنزلت هذه الآية. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾