فقال المسلمون : ما منعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قرابتنا وقد استغفر إبراهيم لأبيه وهذا محمد يستغفر لعمه فاستغفروا للمشركين فنزلت هذه الآية.
والدليل على ما قيل أن أبا طالب مات كافراً ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال أخبرنا المزني. قال : حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أخبرنا أبو إسحاق قال :" قال علي ( عليه السلام ) لما مات أبو طالب : أتيت رسول الله ﷺ فقلت : يا رسول الله إن عمك....... قال : اذهب فادفنه ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني، فانطلقت فواريته ثم رجعت إلى النبي ﷺ وعليَّ أثر التراب فدعا لي بدعوات ما يسرني أنَّ لي بها ما على الأرض من شيء ".
وقال أبو هريرة وبريدة :" لما قدم النبي ﷺ مكة أتى قبر أمّه آمنة فوقف عليه حتى حميت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين آمنوا ﴾ الآية، فقام وبكى وبكى من حوله فقال :" إني استأذنت ربي أن أزورها فأذن لي واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي فزوروا القبور فإنّها تذكّركم الموت "، "
فلم نرَ باكياً أكثر من يومئذ.
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : كانوا يستغفرون لأمواتهم المشركين فنزلت هذه الآية فأمسكوا عن الاستغفار فنهاهم ولم ينتهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، وقال قتادة :" قال رجال من أصحاب النبي ﷺ يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم ألا نستغفر لهم؟ فقال النبي ﷺ : بلى، وأنا والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه، فأنزل الله تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ﴾ " أي ما ينبغي للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.