وقال ابن العربى فى الآيتين :
قَوْله تَعَالَى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى ﴾.
فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : الْأُولَى : ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ﴿ : لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ : يَا عَمِّ ؛ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَك بِهَا عِنْدَ اللَّهِ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ : أَنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَك مَا لَمْ أُنْهَ عَنْك.
فَنَزَلَتْ :{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا ﴾
وَنَزَلَتْ :﴿ إنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت ﴾ }.
الثَّانِي : رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ اسْتَغْفَرَ إبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ، وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَلَا أَزَالُ أَسْتَغْفِرُ لِأَبِي طَالِبٍ حَتَّى يَنْهَانِي عَنْهُ رَبِّي.
فَقَالَ أَصْحَابُهُ : لَنَسْتَغْفِرَنَّ لِآبَائِنَا كَمَا اسْتَغْفَرَ النَّبِيُّ لِعَمِّهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا ﴾
إلَى :﴿ تَبَرَّأَ مِنْهُ ﴾ }.


الصفحة التالية
Icon