وقال الآلوسى :
﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ ﴾
آزر بقوله ﴿ واغفر لاِبِى ﴾ أي بأن توفقه للإيمان وتهديه إليه كام يلوح به تعليله بقوله :﴿ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين ﴾ [ الشعراء : ٨٦ ] والجملة استئناف لتقرير ما سبق ودفع ما يتراءى بحسب الظاهر من المخالفة، وأخرج أبو الشيخ.
وابن عساكر من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : لما مات أبو طالب قال له رسول الله ﷺ : رحمك الله وغفر لك لا أزال استغفر لك حتى ينهاني الله تعالى فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [ التوبة : ١١٣ ] الآية فقالوا : قد استغفر إبراهيم لأبيه فأنزل سبحانه ﴿ وَمَا كَانَ استغفار إبراهيم لأبِيهِ ﴾ ﴿ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ ﴾ وقرأ طلحة ﴿ وَمَا أَسْتَغْفِرُ ﴾ وعنه ﴿ وَمَا يَسْتَغْفِرِ ﴾ على حكاية الحال الماضية لا أن الاستغفار سوف يقع بعد يوم القيامة كما يتوهم مما سيأتي إن شاء الله تعالى، والاستثناء مفرغ من أعم العلل أي لم يكن استغفاره عليه السلام لأبيه ناشئاً عن شيء من الأشياء إلا عن موعدة ﴿ وَعَدَهَا ﴾ أي إبراهيم عليه السلام ﴿ إياه ﴾ أي أباه بقوله :﴿ لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ﴾ [ الممتحنة : ٤ ] وقوله :﴿ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي ﴾ [ مريم : ٤٧ ] فالوعد كان من إبراهيم عليه السلام.
ويدل على ذلك ما روي عن الحسن.
وحماد الرواية.
وابن السميقع.
وابن نهيك.
ومعاذ القارىء أنهم قرأوا ﴿ وَعَدَهَا أَبَاهُ ﴾ بالموحدة، وعد ذلك أحد الأحرف الثلاث التي صحفها ابن المقفع في القرآن مما لا يلتفت إليه بعد قراءة غير واحد من السلف به وإن كانت شاذة.


الصفحة التالية
Icon