الصفة الرابعة : قوله :﴿السائحون﴾ وفيه أقوال :
القول الأول : قال عامة المفسرين هم الصائمون.
وقال ابن عباس : كل ما ذكر في القرآن من السياحة، فهو الصيام.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام :" سياحة أمتي الصيام " وعن الحسن : أن هذا صوم الفرض.
وقيل هم الذين يديمون الصيام، وفي المعنى الذي لأجله حسن تفسير السائح بالصائم، وجهان : الأول : قال الأزهري : قيل للصائم سائح، لأن الذي يسيح في الأرض متعبداً لا زاد معه، كان ممسكاً عن الأكل، والصائم يمسك عن الأكل، فلهذه المشابهة سمي الصائم سائحاً.
الثاني : أن أصل السياحة الاستمرار على الذهاب في الأرض كالماء الذي يسيح والصائم يستمر على فعل الطاعة، وترك المشتهي، وهو الأكل والشرب والوقاع، وعندي فيه وجه آخر، وهو أن الإنسان إذا امتنع من الأكل والشرب والوقاع وسد على نفسه أبواب الشهوات، انفتحت عليه أبواب الحكمة، وتجلت له أنوار عالم الجلال، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :" من أخلص لله أربعين صباحاً، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه " فيصير من السائحين في عالم جلال الله المنتقلين من مقام إلى مقام، ومن درجة إلى درجة، فيحصل له سياحة في عالم الروحانيات.
والقول الثاني : أن المراد من السائحين طلاب العلم ينتقلون من بلد إلى بلد في طلب العلم، وهو قول عكرمة، وعن وهب بن منبه : كانت السياحة في بني إسرائيل، وكان الرجل إذا ساح أربعين سنة رأى ما كان يرى السائحون قبله.


الصفحة التالية
Icon