والقسم الأول : وهو ما يتعلق بجلب المنافع : فتلك المنافع إما أن تكون مقصودة بالأصالة أو بالتبعية ؛ أما المنافع المقصودة بالأصالة، فهي المنافع الحاصلة من طرف الحواس الخمسة : فأولها : المذوقات : ويدخل فيها كتاب الأطعمة والأشربة من الفقه.
ولما كان الطعام قد يكون نباتاً، وقد يكون حيواناً، والحيوان لا يمكن أكله إلا بعد الذبح، والله تعالى شرط في الذبح شرائط مخصوصة، فلأجل هذا دخل في الفقه كتاب الصيد والذبائح، وكتاب الضحايا.
وثانيها : الملموسات : ويدخل فيها باب أحكام الوقاع من جملتها ما يفيد حله، وهو باب النكاح، ومنه أيضاً باب الرضاع، ومنها ما هو بحث عن لوازم النكاح مثل المهر والنفقة والمسكن ويتصل به أحوال القسم والنشوز، ومنها ما هو بحث عن الأسباب المزيلة للنكاح، ويدخل فيه كتاب الطلاق والخلع والإيلاء والظهار واللعان.
ومن الأحكام المتعلقة بالملموسات : البحث عما يحل لبسه وعما لا يحل، وعما يحل استعماله وعما لا يحل استعماله ؛ وما لا يحل.
كاستعماله الأواني الذهبية والفضية ؛ وطال كلام الفقهاء في هذا الباب.
وثالثها : المبصرات وهي باب ما يحل النظر إليه وما لا يحل.
ورابعها : المسموعات : وهو باب هل يحل سماعه أم لا ؟ وخامسها : المشمومات، وليس للفقهاء فيها مجال.
وأما المنافع المقصودة بالتبع فهي الأموال، والبحث عنها من ثلاثة أوجه : الأول : الأسباب المفيدة للملك وهي إما البيع أو غيره.
أما البيع فهو إما بيع الأعيان، أو بيع المنافع وبيع الأعيان.
فأما أن يكون بيع العين بالعين، أو بيع الدين بالعين وهو السلم، أو بيع العين بالدين كما إذا اشترى شيئاً في الذمة، أو بيع الدين بالدين.
وقيل : إنه لا يجوز.
لما روي أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الكالىء بالكالىء، ولكن حصل له مثال في الشرع وهو تقاضي الدينين.
وأما بيع المنفعة فيدخل فيه كتاب الإجارة، وكتاب الجعالة، وكتاب عقد المضاربة.