ثم إن لفظ الآية صالح لإفادة معنى أن الله لا يؤاخذ النبي ﷺ ولا إبراهيم عليه السلام ولا المسلمين باستغفارهم لمن استغفروا له من قبل ورود النهي وظهور دليل اليأس من المغفرة، لأن الله لا يؤاخذ قوماً هداهم إلى الحق فيكتبهم ضُلالاً بالمعاصي حتى يبين لهم أن ما عملوه معصية، فموقع هذه الآية بعد جميع الكلام المتقدم صيّرها كلاماً جامعاً تذييلاً.
وجملة ﴿ إن الله بكل شيء عليم ﴾ تذييل مناسب للجملة السابقة، ووقوع ﴿ إن ﴾ في أولها يفيد معنى التفريع.
والتعليل مضمون للجملة السابقة، وهو أن الله لا يضل قوماً بعد أن هداهم حتى يبين لهم الحق. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾
وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١٥) ﴾
وهنا الهداية هي هداية الدلالة حتى يبين لهم ما يتقون ؛ ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِلَّ قَوْماً ﴾ أي : ما كان الله ليحكم بضلالة قوم حتى يبين لهم ما يتقون. والتقوى التزام أمر الله ونهيه، فإذا وافقوا البيان هداهم هداية معونة، وإذا لم يوافقوا كانوا ضالين، وقد حكم الله بضلالة عم إبراهيم وما حكم الله بضلالته إلا بعد أن بين له منهج الهداية.
وقد بين إبراهيم لعمه منهج الهداية فلم يهتد. ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم ألا يستغفر له. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾