فقال أبو بكر : يا رسول الله، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً فادع لنا.
قال :"أتحب ذلك"؟ قال : نعم ؛ فرفع يديه فلم يرجعهما حتى أظلت السماء ثم سكبت فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر ".
" وروى أبو هريرة وأبو سعيد قالا : كنا مع النبيّ ﷺ في غزوة تبوك فأصاب الناسَ مجاعةٌ وقالوا : يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا.
فقال : رسول الله ﷺ "افعلوا" فجاء عمر وقال : يا رسول الله إن فعلوا قَلّ الظَّهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم فادع الله عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة.
قال :"نعم" ثم دعا بنطع فبُسط، ثم دعا بفضل الأزواد ؛ فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير.
قال أبو هريرة ؛ فحزَرته فإذا هو قدر رُبضة العنز ؛ فدعا رسول الله ﷺ بالبركة.
ثم قال :"خذوا في أوعيتكم" فأخذوا في أوعيتهم حتى والذي لا إله إلا هو ما بقي في العسكر وعاء إلا ملأوه، وأكل القوم حتى شبعوا ؛ وفضلت فضلة فقال النبيّ ﷺ :"أشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسولُ الله لا يَلْقَى اللَّهَ بهما عبدٌ غير شاكٍّ فيهما فيُحجب عن الجنة" " خرّجه مسلم في صحيحه بلفظه ومعناه، والحمد لله.
وقال ابن عرفة : سُمِّي جيشُ تبوك جيشَ العُسرة لأن رسول الله ﷺ نَدَب الناس إلى الغزو في حَمَارة القيظ، فغلُظ عليهم وعَسُر، وكان إبّان ابتياع الثمرة.