وقال الثعلبى :
﴿ مَا كَانَ لأَهْلِ المدينة ﴾
ظاهره خبر معناه نهي كقوله تعالى :﴿ مَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] ﴿ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ الأعراب ﴾ سكان البوادي مزينة وجهينة وأسجح وأسلم وغفار ﴿ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ الله ﴾ إذا غزا ﴿ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ﴾ في مصاحبته ومعاونته والجهاد معه.
قال الحسن : يعني لا يرغبون بأنفسهم أن تصيبهم من الشدائد مثل ما يصيب رسول الله ﷺ ﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ﴾ في سفرهم ﴿ ظَمَأٌ ﴾ عطش، وقرأ عبد بن عمير ظمأ بالمدّ وهما لغتان مثل خطا وخطأ ﴿ وَلاَ نَصَبٌ ﴾ ولا تعب ﴿ وَلاَ مَخْمَصَةٌ ﴾ مجاعة ﴿ فِي سَبِيلِ الله وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً ﴾ أرضاً ﴿ يَغِيظُ الكفار ﴾ وطيهم إياها ﴿ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً ﴾ ولا يصيبون من عدوهم شيئاً قتلا أو أسراً أو غنيمة أو عزيمة يقال : نلت الشيء فهو منيل ﴿ إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾ قال ابن عباس : بكل روعة تنالهم في سبيل الله سبعين ألف حسنة ﴿ إِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين ﴾ فإن أصابهم ظمأ سقاهم الله من نهر الحيوان ولا يصيبهم ظمأ بعد، وإن أصابهم نصب أعطاهم الله العسل من نهر الحيوان [ ولا يصيبهم ] فيهم النصب، ومن خرج في سبيل الله لم يضع قدماً ولا يداً ولا جنباً ولا أنفاً ولا ركبة ساجداً ولا راكعاً ولا ماشياً ولا نائماً في بقعة من بقاع الله إلاّ أذن الله له بالشهادة وبالشفاعة.