وقال الآلوسى :
﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﴾
﴿ مَا كَانَ ﴾ أي ما صح ولا استقام ﴿ لاهْلِ المدينة وَمَنْ حَوْلَهُمْ مّنَ الاعراب ﴾ كمزينة.
وجهينة.
وأشجع.
وغفار.
وأسلم.
وأضرا بهم ﴿ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ الله ﴾ عند توجهه عليه الصلاة والسلام إلى الغزو ﴿ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ﴾ أي لا يصرفوها عن نفسه الكريمة ولا يصونوها عما لم يصنها عنه بل يكابدون ما يكابده من الشدائد، وأصله لا يترفعوا بأنفسهم عن نفسه بأن يكرهوا لأنفسهم المكاره ولا يكرهوها له عليه الصلاة والسلام بل عليهم أن يعكسوا القضية، وإلى هذا يشير كلام الواحدي حيث قال : يقال رغبت بنفسي عن هذا الأمر أي ترفعت عنه.
وفي النهاية يقال : رغبت بفلان عن هذا الأمر أي كرهت له ذلك.
وجوز في ﴿ يَرْغَبُواْ ﴾ النصب بعطفه على ﴿ يَتَخَلَّفُواْ ﴾ المنصوب بأن واعادة ﴿ لا ﴾ لتذكير النفي وتأكيده وهو الظاهر والجزم على النهي وهو المراد من الكلام إلا أنه عبر عنه بصيغة النفي للمبالغة، وخص أهل المدينة بالذكر لقربهم منه عليه الصلاة والسلام وعلمهم بخروجه، وظاهر الآية وجوب النفير إذا خرج رسول الله ﷺ إلى الغزو بنفسه.
وذكر بعضهم أنه استدل بها على أن الجهاد كان فرض عين في عهده عليه عليه الصلاة والسلام وبه قال ابن بطال : وعلله بأنهم بايعوه عليه عليه الصلاة والسلام فلا يجب النفير مع أحد من الخلفاء ما لم يلم العدو ولم يمكن دفعه بدونه، وقدر بعضهم في الآية مضافاً إلى رسول أي أن يتخلفوا عن حكم رسول الله ﷺ وهو خلاف الظاهر ؛ وعليه يكون الحكم عاماً وفيه بحث.
وأخرج ابن جرير.


الصفحة التالية
Icon