قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا ﴾ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ وَطْءَ دِيَارِهِمْ بِمَنْزِلَةِ النَّيْلِ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَتْلُهُمْ، أَوْ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ إخْرَاجُهُمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، هَذَا كُلُّهُ نَيْلٌ مِنْهُمْ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ وَطْءِ مَوْضِعٍ يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَبَيْنَ النَّيْلِ مِنْهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ دِيَارِهِمْ وَهُوَ الَّذِي يَغِيظُهُمْ وَيُدْخِلُ الذُّلَّ عَلَيْهِمْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَيْلِ الْغَنِيمَةِ، وَالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ مِنْ سِهَامِهِمَا بِدُخُولِ أَرْضِ الْحَرْبِ لِانْحِيَازِهِ الْغَنِيمَةَ، وَالْقِتَالَ ؛ إذْ كَانَ الدُّخُولُ بِمَنْزِلَةِ حِيَازَةِ الْغَنَائِمِ وَقَتْلِهِمْ وَأَسْرِهِمْ، وَنَظِيرُهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ﴾ فَاقْتَضَى ذَلِكَ اعْتِبَارَ إيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :" مَا وُطِئَ قَوْمٌ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلَّا ذَلُّوا ". أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ﴾