وقال الخازن :
قوله :﴿ ولا ينفقون ﴾
يعني في سبيل الله ﴿ نفقة صغيرة ولا كبيرة ﴾ يعني تمرة فما دونها أو أكثر منها حتى علاقة سوط ﴿ ولا يقطعون وادياً ﴾ يعني ولا يجاوزون في مسيرهم وادياً مقبلين أو مدبرين فيه ﴿ إلا كتب لهم ﴾ يعني كتب الله لهم آثارهم وخطاهم ونفقاتهم ﴿ ليجزيهم الله ﴾ يعني يجازيهم ﴿ أحسن ما كانوا يعملون ﴾ قال الواحدي : معناه بأحسن ما كانوا يعملون.
وقال الإمام فخر الدين الرازي : فيه وجهان : الأول : أن الأحسن من صفة أفعالهم وفيها الواجب والمندوب والمباح فالله سبحانه وتعالى يجزيهم على الأحسن وهو الواجب والمندوب دون المباح.
والثاني : أن الأحسن صفة للجزاء أي يجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأجل وأفضل وهو الثواب وفي الآية دليل على فضل الجهاد وأنه من أحسن أعمال العباد ( ق ) عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله ( ﷺ ) قال :" رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " وفي رواية " وما فيها " ( ق ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ﷺ ) :" تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاداً في سبيلي وإيماناً بي وتصديقاً برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غيمة والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون دم وريحه ريح مسك والذي نفسه محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو فأقتل في سبيل الله ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل " لفظ مسلم وللبخاري بمعناه ( ق ).