وَهَذَا بَعِيدٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ وَكَلَ حِفْظَ مَا سَقَطَ وَذَهَبَ عَنْ الْأَجِلَّةِ الْأَمَاثِلِ مِنْ الْقُرْآنِ بِرَجُلَيْنِ : خُزَيْمَةَ، وَأَبِي خُزَيْمَةَ.
قَالَ الْقَاضِي : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْسَى الرَّجُلُ الشَّيْءَ ثُمَّ يَذْكُرَهُ لَهُ آخَرُ، فَيَعُودَ عِلْمُهُ إلَيْهِ.
وَلَيْسَ فِي نِسْيَانِ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ لَهُ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ اسْتِحَالَةٌ عَقْلًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا شَرْعًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ضَمِنَ حِفْظَهُ، وَمِنْ حِفْظِهِ الْبَدِيعِ أَنْ تَذْهَبَ مِنْهُ آيَةٌ أَوْ سُورَةٌ
إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، فَيَذْكُرَهَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ، فَيَتَذَكَّرَهَا الْجَمِيعُ ؛ فَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَدِيعِ حِفْظِ اللَّهِ لَهَا.
قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، فَكَيْفَ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْوَضْعَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْعَدْلُ عَنْ الْعَدْلِ، وَتَدَّعِي فِيهِ الِاضْطِرَابَ، وَهُوَ فِي سِلْكِ الصَّوَابِ مُنْتَظِمٌ، وَتَقُولُ أُخْرَى : إنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَمَا الَّذِي تَضَمَّنَ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ أَوْ الْجَهَالَةِ حَتَّى يُعَابَ بِأَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ.


الصفحة التالية
Icon