أَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَنْبِيهًا عَلَى كَتْبِهِ وَضَبْطِهِ بِالتَّقْيِيدِ فِي الصُّحُفِ، وَلَوْ كَانَ مَا ضَمِنَهُ اللَّهُ مِنْ حِفْظِهِ لَا عَمَلَ لِلْأُمَّةِ فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إخْبَارِ اللَّهِ لَهُ بِضَمَانِ حِفْظِهِ، وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّ حِفْظَهُ مِنْ اللَّهِ بِحِفْظِنَا وَتَيْسِيرَهُ ذَلِكَ لَنَا وَتَعْلِيمَهُ لِكِتَابَتِهِ وَضَبْطِهِ فِي الصُّحُفِ بَيْنَنَا.
الْخَامِسُ : أَنَّهُ ثَبَتَ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ ﴾ ؛ وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَ الْأُمَّةِ مَكْتُوبٌ مُسْتَصْحَبٌ فِي الْأَسْفَارِ، هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْوُجُوهِ عِنْدَ النُّظَّارِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : فَأَمَّا كِتَابَةُ عُثْمَانَ لِلْمَصَاحِفِ الَّتِي أُرْسِلَتْ إلَى الْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَاتِ، فَأَرَادَ ضَبْطَ الْأَمْرِ لِئَلَّا يَنْتَشِرَ إلَى حَدِّ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْآنِ، كَمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي كُتُبِهِمْ، وَكَانَ جَمْعُ أَبِي بَكْرٍ لَهُ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَصْلُهُ ؛ فَكَانَا أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِسَبَبَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ.


الصفحة التالية
Icon