وقال ابن عطية :
ثم خاطب النبي ﷺ، بعد تقريره عليهم هذه النعمة فقال :﴿ فإن تولوا ﴾ يا محمد أي أعرضوا بعد هذه الحال المتقررة التي من الله عليهم بها ﴿ فقل حسبي الله ﴾ معناه وأعمالك بحسب قوله من التفويض إلى الله والتوكل عليه والجد في قتالهم، وليست بآية موادعة لأنها من آخر ما نزل، وخصص ﴿ العرش ﴾ بالذكر إذ هو أعظم المخلوقات، وقرأ ابن محيصن " العظيمُ " برفع الميم صفة للرب، ورويت عن ابن كثير، وهاتان الآيتان لم توجدا حين جمع المصحف إلا في حفظ خزيمة بن ثابت، ووقع في البخاري أو أبي خزيمة، فلما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة، وقد كان زيد يعرفهما ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئاً أم لا، فإنما ثبتت الآية بالإجماع لا بخزيمة وحده، أسند الطبري في كتابه قال : كان عمر لا يثبت آية في المصحف إلا أن يشهد عليها رجلان، فلما جاء خزيمة بهاتين الآيتين قال : والله لا أسألك عليهما بينة أبداً فإنه هكذا كان صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد : يعني صفة النبي ﷺ التي تضمنتها الآية، وهذا والله أعلم قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وفي مدة أبي بكر حين الجمع الأول وحينئذ فقدت الآيتان ولم يجمع من القرآن شيء في خلافة عمر، وخزيمة بن ثابت هو المعروف بذي الشهادتين، وعرف بذلك لأن رسول الله ﷺ أمضى شهادته وحده في ابتياع فرس وحكم بها لنفسه ﷺ، وهذا خصوص لرسول الله ﷺ وذكر النقاش عن أبيّ بن كعب أنه قال أقرب القرآن عهداً بالله تعالى هاتان الآيتان ﴿ لقد جاءكم رسول ﴾ إلى آخر الآية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon