إذن : فأخْرج ما يناقض الحق من قَلْبك، واجعل الباطل والحق خارجاً، ثم استقبل الاثنين. لا يمكن لك في مثل هذه الحالة إلا أن تستقبل الحق. ويصف سبحانه المصرين على الكفر :﴿ وَطَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ... ﴾ [ التوبة : ٩٣ ]
أي : أن ما هو خارج هذه القلوب لا يدخل إليها، وما في داخلها لا يخرج منها.
إذن : ما دام الحق قد ختم على قلوبهم ؛ فلن تفتح هذه القلوب للإيمان، وستظل محتفظة بالكفر. فإذا كان من هؤلاء الكافرين أو المنافقين من يسمع القرآن، ولا يأسره بيانه ؛ فذلك بسبب عجزهم عن النظر إلى ما فيه من معان وقيم ؛ لأن الإنسان حينما يسمع القرآن، وتكون نفسه صافية ليس فيها ما يشوش على ما في القرآن من جاذبية وبيان يؤثر فيه وتطمئن إليه نفسه.
ولذلك حين قرأ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - القرآن، وكان من قبل ذلك شديداً على الإسلام، ثم ذهب إلى أخته ؛ ليتحقق من أمر إسلامها، وحين سال منها الدم رقت عاطفته لها، ثم قرأ القرآن فاستقر في قلبه.
إذن : لا بد أن تخرج ما في ذهنك أولاً ؛ لتستقبل القرآن. فإذا ما أنزلت سورة يستقبلها المؤمن بصفاء. أما الكافرون والمنافقون، فمنهم من يقول :﴿ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً ﴾ وتعطينا الآية معنى أننا أمام فريقين : واحد يقرأ، والثاني يسمع. ونفهم من سياق الآية أن الذي يتساءل مثل هذا السؤال إنما يوجه لفريقين : أحدهما من ضعاف الإيمان، أو حديثي الإسلام، أو المنافقين، وهؤلاء هم الذين لم يُخْرجوا الكفر أو بعضه من قلوبهم، وقابلية بعضهم لاستقبال الإيمان لم تتأَكد بعد، ومنهم من قال فيهم الحق :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم مَاذَا قَالَ آنِفاً... ﴾ [ محمد : ١٦ ]
ويقول :﴿ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى... ﴾ [ فصلت : ٤٤ ]


الصفحة التالية
Icon