وقال أبو السعود :
﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ ﴾
بيان لأحوالهم عند نزولِها وهم في مجال تبليغِ الوحي كما أن الأولَ بيانٌ لمقالاتهم وهم غائبون عنه ﴿ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ ﴾ تغامزوا بالعيون إنكاراً لها أو سخريةً بها أو غيظاً لما فيها من مخازيهم ﴿ هَلْ يَرَاكُمْ مّنْ أَحَدٍ ﴾ أي قائلين : هل يراكم أحدٌ من المسلمين لننصرف، مظهرين أنهم لا يصطبرون على استماعها ويغلبُ عليهم الضحِكُ فيفتَضِحون أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروجِ والانسلال لِواذاً يقولون : هل يراكم من أحد إن قمتم من المجلس، وإيرادُ ضمير الخطابِ لبعث المخاطَبين على الجد في انتهاز الفرصةِ فإن المرءَ بشأنه أكثرُ اهتماماً منه بشأن أصحابِه كما في قوله تعالى :﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾ وقيل : المعنى وما أنزلت سورةٌ في عيوب المنافقين ﴿ ثُمَّ انصرفوا ﴾ عطفٌ على نظَر بعضُهم والتراخي باعتبار وُجدانِ الفرصةِ والوقوفِ على عدمِ رؤيةِ أحدٍ من المؤمنين، أي انصرفوا جميعاً عن محفِل الوحيِ خوفاً من الافتضاح أو غير ذلك ﴿ صَرَفَ الله قُلُوبَهُم ﴾ أي عن الإيمان حسَب انصرافِهم عن المجلس، والجملةُ اختباريةٌ أو دعائية ﴿ بِأَنَّهُمْ ﴾ أي بسبب أنهم ﴿ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ﴾ لسوء الفهم أو لعدم التدبّر. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾