ليسترد ما أخذه منه حتى يبلغ الغاية المقدّرة في الأزل، وهكذا كل منهما يعيد الكرة على الآخر دواليك بصورة منتظمة لا تختلف قيد شعرة منذ خلقها اللّه تعالى إلى الآن، وإلى أن يأذن بخراب هذا الكون "وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" من الكواكب السيارة والثابتة والبحار والأنهار والمعادن الجامدة والسائلة، مما عرفه الخلق ومما لم يعرفه بعد، والآثار الحكمة والخلائق المتنوعة "لَآياتٍ" واضحات عظيمات دالات على وجود الصانع لهذه المصنوعات المتقنة، وعلى كمال قدرته وبالغ حكمته، وعلى ما أنكروه من البعث بعد الموت، وما تعجبوا به من إرسال الرسل وإنزال الكتب بتبيين طرائق الهدى وتعيين مهاوي الردى "لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ٦" اللّه ويحذرون عاقبة ما خوفهم به رسله، وخص المتقين لأن التقوى تدعو إلى النظر في عواقب الأمور والتدبر لنتائجها، وقد تحدو بهم إلى الفكر والتفكر في آيات اللّه والتذكر بها لتوصلهم إلى معرفة صانعها المكون هيكلها، فيزدادوا إيمانا وتصديقا وإذعانا، فينقادوا إلى اللّه ويؤمنوا برسله وكتبه واليوم الآخر، فيحصل لهم المقصود الذي خلقوا لأجله وهو عبادة اللّه تعالى القائل :
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الآية ٥٦ من الذاريات الآتية.


الصفحة التالية
Icon