فإذا فرغوا حمدوا اللّه تعالى على ذلك بما يلهمهم المنعم عليهم من أنواع التحميد والتقديس التي منها ما حكاه اللّه عنهم بقوله عز قوله "وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ١٠" فترجع الموائد عند ذلك واستدل القائل بهذا بما أخرجه ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريح قال : أخبرت أن أهل الجنة إذا مرّ بهم الطائر يشتهونه قالوا سبحانك اللهم، وذلك دعاؤهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فإذا جاء الملك بسلم عليهم فيردون عليه وذلك قوله وتحيّتهم فيها سلام.
فإذا أكلوا قدر حاجتهم قالوا الحمد للّه رب العالمين، وذلك قوله تعالى (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وهذا ترتيب ذكري بحسب الترتيب الوقوعي، إلا أنه خلاف الظاهر، والأولى ما ذكرناه، لأن أهل الجنة يبتدئون أمورهم كلها بتعظيم اللّه تعالى وتنزيه، ويختمونها بشكره والثناء عليه، ويتكلمون بينهما بما أرادوا مما يلقيه ربهم على قلوبهم.
أخرج مسلم عن جابر قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون، قالوا فما بال الطعام يا رسول اللّه ؟ قال جشاء (أي يخرج جشاء وعرقا) ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس وفي رواية التسبيح والحمد.
وجاء في صحيح مسلم في وصف أهل الجنة يسبّحون اللّه تعالى بكرة وعشيا.
مطلب كراهية الدعاء بالشر على النفس :


الصفحة التالية
Icon