وقال الشيخ سيد قطب :
سورة يونس
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (١)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

التعريف بالسورة
نعود مرة أخرى إلى الحياة مع القرآن المكي، بجوه الخاص، وظلاله وإيقاعاته وإيحاءاته. بعدما عشنا فترة في هذه الظلال مع سورتي الأنفال والتوبة من القرآن المدني.
والقرآن المكي، ولو أنه قرآن من القرآن، يشترك مع سائره في خصائصه القرآنية العامة ; وفي تفرده من كل قول آخر لا يحمل الطابع الرباني الفريد العجيب، في الموضوع وفي الأداء سواء.. إلا أن له مع ذلك جوه الخاص، ومذاقه المعين، الذي يعينه موضوعه الأساسي [ وهو في اختصار: حقيقة الألوهية، وحقيقة العبودية، وحقيقة العلاقات بينهما ; وتعريف الناس بربهم الحق الذي ينبغي أن يدينوا له ويعبدوه، ويتبعوا أمره وشرعه ; وتنحية كل ما دخل على العقيدة الفطرية الصحيحة من غبش ودخل وانحراف والتواء ; ورد الناس إلى إلههم الحق الذي يستحق الدينونة لربوبيته ].. كما يعينه أسلوب العرض لهذا الموضوع. وهو أسلوب موح، عميق الإيقاع، بالغ التأثير ; حيث تشترك في أداء هذا الغرض كل خصائص التعبير، من البناء اللفظي، إلى المؤثرات الموضوعية على النحو الذي فصلناه من قبل، في سورة الأنعام، والذي سنلم به هنا إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon