وَثَمَّ أَنْوَاعٌ أُخْرَى مِنْ آيَاتِ الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى تُغَذِّي التَّوْحِيدَ، وَتَصْعَدُ بِأَهْلِهِ دَرَجَاتٍ مُتَفَاوِتَةً فِي السُّمُوِّ بِمَعْرِفَتِهِ تَعَالَى وَالتَّأَلُّهِ وَالتَّوَلُّهِ فِي حُبِّهِ مِنَ التَّنْزِيهِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ، وَذِكْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مَمْزُوجَةً بِبَيَانِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ، حَتَّى أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ وَالنِّسَاءِ وَالْإِرْثِ وَالْأَمْوَالِ. وَبِحِكَمِ الْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ لِأُمُورِ الْعَالَمِ، وَسُنَنِهِ فِي طِبَاعِ الْبَشَرِ وَفِي شُئُونِهِمُ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَوَضْعِ كُلِّ اسْمٍ مِنْهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمُنَاسِبِ لَهُ مِنْ رَحْمَةٍ وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ وَقُدْرَةٍ وَمَشِيئَةٍ وَحِلْمٍ وَعَفْوٍ وَمَغْفِرَةٍ وَحُبٍّ وَرِضًا وَمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ، وَمِنَ الْأَمْرِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَالرَّجَاءِ فِي فَضْلِهِ إِلَخْ وَنَاهِيكَ بِمَا سَرَدَ مِنْهَا سَرْدًا لِجَذْبِ الْأَرْوَاحِ الْعَالِيَةِ إِلَى كَمَالِهِ الْمُطْلَقِ وَفَنَائِهَا فِيهِ كَمَا تَرَاهُ فِي خَاتِمَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ فَتَأَمَّلْهَا، وَفِي فَاتِحَةِ سُورَةِ الْحَدِيدِ :(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١) (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣)
وَمِنْهَا اسْتَمَدَّ الْأَوْلِيَاءُ الْعَارِفُونَ وَالْأَئِمَّةُ الرَّبَّانِيُّونَ تِلْكَ الْكُتُبَ الْعَالِيَةَ فِي مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى وَأَسْرَارِ خَلْقِهِ، بَعْدَ أَنْ تَرَبُّوا بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ، وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ.


الصفحة التالية
Icon