عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالصُّوفِيَّةِ قَدْ بَالَغُوا فِي التَّوْحِيدِ حَتَّى أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ تَأْثِيرَ الْأَسْبَابِ فِي مُسَبَّبَاتِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَانْتَهَى بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى بِدْعَةِ الْجَبْرِ الَّتِي أَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِهَا كُلَّ شَيْءٍ، بَيْدَ أَنَّ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِمَا يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ النَّظَرُ الْعَقْلِيُّ، أَوْ رِيَاضَةُ النَّفْسِ وَمَا تُثْمِرُهُ مِنَ الشُّعُورِ الْوِجْدَانِيِّ، ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ لَا حَظَّ لَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا مِنَ الْبُرْهَانِ وَلَا مِنَ الْوِجْدَانِ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ الْعَوَامَّ وَيَتَأَوَّلُونَ لَهُمْ بِكَلَامِ أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ الْجَاهِلِينَ وَلَوْ فَقِهُوا أَقْصَرَ سُورَةٍ فِي التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ كَمَا يَجِبُ - وَهِيَ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ - لَمَا وَجَدَ الشِّرْكُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ سَبِيلًا.