وَأَمَّا الرُّكْنُ الثَّانِي. وَهُوَ الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ، فَقَدْ كَانَ جُلُّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ يُنْكِرُونَهُ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَكْمُلُ الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى وَيَكُونُ بَاعِثًا لِلْأُمَّةِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَتَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ بِدُونِهِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمِلَلِ الَّتِي كَانَ لَهَا كُتُبٌ وَتَشْرِيعٌ دِينِيٌّ وَمَدَنِيٌّ، ثُمَّ فُقِدَتْ كُتُبُهُمْ أَوْ حُرِّفَتْ وَاسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِمُ الْوَثَنِيَّةُ - يُؤْمِنُونَ بِحَيَاةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَجَزَاءٍ عَلَى الْأَعْمَالِ، وَلَكِنَّ إِيمَانَهُمْ هَذَا قَدْ شَابَهُ الْفَسَادُ بِبِنَائِهِ عَلَى بِدَعٍ ذَهَبَتْ بِجُلِّ فَائِدَتِهِ فِي إِصْلَاحِ النَّاسِ. وَأَسَاسُهَا عِنْدَ الْهُنُودِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قُدَمَاءِ الْوَثَنِيِّينَ وَخَلْفِ النَّصَارَى - وُجُودُ الْمُخَلِّصِ الْفَادِي، الَّذِي يُخَلِّصُ النَّاسَ مِنْ عُقُوبَةِ الْخَطَايَا وَيَفْدِيهِمْ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْأُقْنُومُ الثَّانِي مِنَ الثَّالُوثِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنُ الْآخَرِ. وَكُلُّ مَا يَقُولُهُ النَّصَارَى فِي فِدَاءِ الْمَسِيحِ لِلْبَشَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ نُسْخَةٌ مُطَابِقَةٌ لِمَا يَقُولُهُ الْهُنُودُ فِي (كَرْشَنَةَ) فِي اللَّفْظِ وَالْفَحْوَى كَمَا تَقَدَّمَ، لَا يَخْتَلِفَانِ إِلَّا فِي الِاسْمَيْنِ : كَرْشَنَةَ، وَيَسُوعَ.


الصفحة التالية
Icon