وَمَدَارُ كُلِّ ذَلِكَ قَاعِدَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى :(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (٩١ : ٧ - ١٠) أَيْ إِنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ هَذِهِ النَّفْسَ وَسَوَّاهَا بِمَا وَهَبَهَا مِنَ الْمَشَاعِرِ وَالْعَقْلِ. قَدْ جَعَلَهَا بِإِلْهَامِ الْفِطْرَةِ وَالْغَرِيزَةِ مُسْتَعِدَّةً لِلْفُجُورِ الَّذِي يُرْدِيهَا وَيُدَسِّيهَا، وَالتَّقْوَى الَّتِي تُنْجِيهَا وَتُعْلِيهَا، وَمُتَمَكِّنَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِإِرَادَتِهَا، وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَ خَوَاطِرِهَا وَمَطَالِبِهَا. وَمَنْحِهَا الْعَقْلَ وَالدِّينَ يُرَجِّحَانِ الْحَقَّ وَالْخَيْرَ عَلَى الْبَاطِلِ وَالشَّرِّ، فَبِقَدْرِ طَهَارَةِ النَّفْسِ وَأَثَرِ تَزْكِيَتِهَا بِالْإِيمَانِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ، يَكُونُ ارْتِقَاؤُهَا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَالضِّدُّ بِالضِّدِّ فَالْجَزَاءُ أَثَرٌ طَبِيعِيٌّ لِلْعَمَلِ النَّفْسِيِّ وَالْبَدَنِيِّ الَّذِي يُزَكِّي
النَّفْسَ أَوْ يُدَسِّيهَا وَيُدَنِّسُهَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يُثْبِتُهُ مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ، وَحِكْمَةَ الدَّيَّانِ وَهُوَ مِمَّا أَصْلَحَهُ الْقُرْآنُ مِنْ تَعَالِيمِ الْأَدْيَانِ.


الصفحة التالية
Icon