وقال ابن عطية :
قوله :﴿ أكان للناس عجباً ﴾ الآية
قال ابن عباس وابن جريج وغيرهما نسبت هذه الآية أن قريشاً استبعدوا أن يبعث الله رسولاً من البشر، وقال الزجاج : إنما عجبوا من إخباره أنهم يبعثون من القبور إذ النذارة والبشارة تتضمنان ذلك، وكثر كلامهم في ذلك حتى قال بعضهم : أما وجد الله من يبعث إلا يتيم أبي طالب، ونحو هذا من الأقاويل التي اختصرتها لشهرتها فنزلت الآية، وقوله :﴿ أكان ﴾ تقرير والمراد ب " الناس " قائلو هذه المقالة، و﴿ عجباً ﴾ خبر كان واسمها ﴿ أن أوحينا ﴾، وفي مصحف ابن مسعود " أكان للناس عجب " وجعل الخبر في قوله ﴿ أن أوحينا ﴾ والأول أصوب لأن الاسم معرفة والخبر نكرة وهذا القلب لا يصح ولا يجيء إلا شاذاً ومنه قول حسان :[ الوافر ]
يكون مزاجها عسلٌ وماء... ولفظة العجب هنا ليست بمعنى التعجب فقط بل معناه أوصل إنكارهم وتعجبهم إلى التكذيب ؟ وقرأت فرقة " إلى رجل " بسكون الجيم، ثم فسر الوحي وقسمه عل النذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين، و" القدم " هنا ما قدم، واختلف في المراد بها ها هنا فقال ابن عباس ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس وابن زيد : هي الأعمال الصالحة من العبادات، وقال الحسن بن أبي الحسن وقتادة : هي شفاعة محمد ﷺ، وقال زيد بن أسلم وغيره : هي المصيبة بمحمد ﷺ في موته، وقال ابن عباس أيضاً وغيره : هي السعادة السابقة لهم في اللوح المحفوظ، وهذا أليق الأقوال بالآية، ومن هذه اللفظة قول حسان :[ الطويل ]
لنا القدم العليا إليك وخلْفَنا... لأوّلنا في طاعةِ اللهِ تابعُ
وقول ذي الرمة :[ الطويل ]
لكم قدم لا ينكر الناس أنها... مع الحسب العادي طمت على البحر