وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً ﴾
استفهام معناه التقرير والتوبيخ.
و"عَجَباً" خبر كان، واسمها ﴿ أَنْ أَوْحَيْنَآ ﴾ وهو في موضع رفع ؛ أي كان إيحاؤنا عجباً للناس.
وفي قراءة عبد الله "عجب" على أنه اسم كان.
والخبر "أَنْ أَوْحَيْنَا".
﴿ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ ﴾ قرىء "رَجْل" بإسكان الجيم.
وسبب النزول فيما رُوي عن ابن عباس أن الكفار قالوا لما بُعث محمد : إن الله أعظمُ من أن يكون رسوله بشراً.
وقالوا : ما وجد الله من يرسله إلا يتيمَ أبي طالب ؛ فنزلت :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ ﴾ يعني أهل مكة "عَجَباً".
وقيل : إنما تعجبوا من ذكر البعث.
قوله تعالى :﴿ أَنْ أَنذِرِ الناس وَبَشِّرِ الذين آمنوا ﴾ في موضع نصب بإسقاط الخافض ؛ أي بأن أنذر الناس، وكذا ﴿ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ ﴾.
وقد تقدّم معنى النّذارة والبشارة وغير ذلك من ألفاظ الآية.
واختلف في معنى "قَدَمَ صِدْقٍ" فقال ابن عباس : قدم صدق منزلَ صدق ؛ دليله قوله تعالى :﴿ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ﴾ [ الإسراء : ٨٠ ].
وعنه أيضاً : أجراً حسناً بما قدّموا من أعمالهم.
وعنه أيضاً "قَدَمَ صِدْقٍ" سَبْقَ السعادة في الذكر الأوّل، وقاله مجاهد.
الزجاج : درجة عالية.
قال ذو الرُّمّة :
لكم قدَمٌ لا ينكر الناس أنها...
مع الحسب العالي طَمّت على البحر
قتادة : سلف صدق.
الربيع : ثواب صدق.
عطاء : مقام صدق.
يَمَانٍ : إيمان صدق.
وقيل : دعوة الملائكة.
وقيل : وَلدٌ صالح قدّموه.
الماورديّ : أن يوافق صدق الطاعة صدق الجزاء.
وقال الحسن وقتادة أيضاً : هو محمد ﷺ ؛ فإنه شفيع مطاع يتقدّمهم ؛ كما قال :" أنا فَرَطُكم على الحوض " وقد سئل ﷺ فقال :" هي شفاعتي توسّلون بي إلى ربكم " وقال الترمذيّ الحكيم : قدّمه ﷺ في المقام المحمود.


الصفحة التالية
Icon