﴿إلا تنصروه فقد نصره الله﴾ [ براءة : ٤٠ ] وقوله ﴿عفا الله عنك لما أذنت لهم﴾ [ براءة : ٤٣ ] وقوله ﴿ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم﴾ [ براءة : ٦١ ] وقوله :﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ [ براءة : ١٢٨ ] إلى آخر السورة إلى ما تخلل أثناء آي هذه السورة الكريمة مما شهد لرسول الله ـ ﷺ ـ بتخصيصه بمزايا السبق والقرب والاختصاص والملاطفة في الخطاب ووصفه بالرأفة والرحمة، هذا ما انطوت هي والأنفال عليه من قهره أعداءه وتأييده ونصره عليهم وظهوره دينه وعلو دعوته وإعلاء كلمته إلى غير هذا من نعم الله سبحانه عليه، وكان ذلك كله مظنة لتعجب المرتاب وتوقف الشاك ومثيراً لتحرك ساكن الحسد من العدو العظيم ما منحه عيه السلام، قال تعالى ﴿أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس﴾ إلى قوله :﴿لساحر مبين﴾ ثم قال ﴿إن ربكم الله﴾ الآيات، فبين انفراده تعالى بالربوبية والخلق والاختراع والتدبير، فكيف تعترض أفعاله أو يطلع البشر على وجه الحكمة في كل ما يفعله ويبديه، وإذا كان الكل ملكه وخلقه فيفعل في ملكه ما يشاء ويحكم في خلقه بما يريد ﴿ذلكم الله ربكم فاعبدوه﴾ ﴿ما خلق الله ذلك إلا بالحق﴾ ثم توعد سبحانه الغافلين عن التفكر في عظيم آياته حتى أدتهم الغفلة إلى مرتكب سلفهم في العجب والإنكار حتى قالوا ﴿مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق﴾ [ الفرقان : ٧ ] وقالوا ﴿لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا﴾ [ الفرقان : ٢١ ] وهذه مقالات الأمم المتقدمة ﴿قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا﴾ [ يس : ١٥ ] ﴿قالوا أنؤمن لبشرين مثلنا﴾ [ المؤمنون : ٤٧ ] ﴿ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم﴾ [ سبأ : ٤٣ ] فقال تعالى متوعداً للغافلين ﴿إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا﴾، ثم وعد المعتبرين فقال ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم﴾، وكل هذا
بيّن الالتحام جليل الالتئام، تناسجت آي السور - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٤١١ ـ ٤١٣﴾


الصفحة التالية
Icon