وقال السمرقندى :
ثم ذكَّرهم النعم، لكي يستحيوا منه ولا يعبدوا غيره، فقال تعالى :﴿ هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء ﴾ بالنهار ﴿ والقمر نُوراً ﴾ بالليل، ويقال : جعل الشمس ضياء مع الحر والقمر نوراً بلا حر، ﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ﴾ ؛ يعني : جعل الليل والنهار منازل يزيد أحدهما وينقص الآخر، ولا يجاوزان المقدار الذي قدره ؛ ويقال ﴿ قَدْرِهِ ﴾ يعني : القمر منازل كل ليلة بمنزلة من النجوم، وهي ثمانية وعشرون منزلاً في كل شهر.
وهذا كقوله ﴿ والقمر قدرناه مَنَازِلَ حتى عَادَ كالعرجون القديم ﴾ [ يس : ٣٩ ] ﴿ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب ﴾ ؛ يعني : لتعلموا بالقمر حساب السنين والشهور، كقوله تعالى ﴿ يَسْألُونَكَ عَنِ الأهلة قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن ظُهُورِهَا ولكن البر مَنِ اتقى وَأْتُواْ البيوت مِنْ أبوابها واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ البقرة : ١٨٩ ].
ثم قال :﴿ مَا خَلَقَ الله ذلك إِلاَّ بالحق ﴾، يعني : لتعلموا عدد السنين والحساب، وتعتبروا وتعلموا أن له خالقاً ومدبراً وهو قادر على أن يحيي الموتى.
ثم قال :﴿ يُفَصّلُ الآيات ﴾، يعني : يبيِّن العلامات، يعني : علامة وحدانيته ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾، يعني : لمن كان له عقل وذهن وتمييز.
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم في رواية حفص ﴿ يُفَصّلُ الآيات ﴾ بالياء، وقرأ الباقون بالنون ؛ ومعناهما قريب. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾