وقال أبو السعود :
﴿ هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء ﴾
تنبيهٌ على الاستدلال على وجوده تعالى ووحدتِه وعلمِه وقدرتِه وحكمتِه بآثار صُنعِه في النّيِّريْن بعد التنبيه على الاستدلال بما مر من إبداع السمواتِ والأرضِ والاستواءِ على العرش وغيرِ ذلك وبيانٌ لبعض أفرادِ التدبيرِ الذي أشير إليه إشارةً إجماليةً وإرشادٌ إلى أنه حيث دبّرت أمورُهم المتعلقة بمعاشهم هذا التدبيَر البديعَ فلأن يدبّرَ مصالحَهم المتعلقةَ بالمعاد بإرسال الرسولِ وإنزالِ الكتابِ وتبيينِ طرائقِ الهدى وتعيينِ مهاوي الردى أولى وأحرى، والجعلُ إن جُعل بمعنى الإنشاءِ والإبداعِ فضياءً حالٌ من مفعوله أي خلقها حالَ كونِها ذاتَ ضياءٍ على حذف المضافِ أو ضياءً محضاً للمبالغة، وإن جُعل بمعنى التصييرِ فهو مفعولُه الثاني أي جعلها ضياءً على أحد الوجهين المذكورين لكن لا بعد أن كانت خاليةً عن تلك الحالةِ بل أبدعها كذلك كما في قولهم : ضيِّقْ فم الركية ووسِّعْ أسفلها، والضياءُ مصدرٌ كقيام أو جمعُ ضوءٍ كسياط وسَوْط وياؤه منقلبة من الواو لانكسار ما قبلها وقرىء ضِئاء بهمزتين بينهما ألفٌ بتقديم اللام على العين.