ثم إنه تعالى ينزل المطر عليها وقت الشتاء والربيع، فتصير بعد ذلك متحلية بالأزهار العجيبة والأنوار الغريبة كما قال تعالى :﴿والله الذى أَرْسَلَ الرياح فَتُثِيرُ سحابا فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النشور﴾ [ فاطر : ٩ ] وثانيها : قوله تعالى :﴿وَتَرَى الأرض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ﴾ [ الحج : ٥ ] إلى قوله :﴿ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّهُ يُحْىِ الموتى﴾ [ الحج : ٦ ] وثالثها : قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأرض ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يهيج فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب﴾ [ الزمر : ٢١ ] والمراد كونه منبهاً على أمر المعاد.
ورابعها : قوله :﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ﴾ [ عبس : ٢١ ٢٤ ] وقال عليه السلام :" إذا رأيتم الربيع فأكثروا ذكر النشور " ولم تحصل المشابهة بين الربيع وبين النشور إلا من الوجه الذي ذكرناه.
المثال الثاني : ما يجده كل واحد منا من نفسه من الزيادة والنمو بسبب السمن، ومن النقصان والذبول بسبب الهزال، ثم إنه قد يعود إلى حالته الأولى بالسمن.
وإذا ثبت هذا فنقول : ما جاز تكون بعضه لم يمتنع أيضاً تكون كله، ولما ثبت ذلك ظهر أن الإعادة غير ممتنعة، وإليه الإشارة بقوله تعالى :
﴿وَنُنشِئَكُمْ فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [ الواقعة : ٦١ ] يعني أنه سبحانه لما كان قادراً على إنشاء ذواتكم أولاً ثم على إنشاء أجزائكم حال حياتكم ثانياً شيئاً فشيئاً من غير أن تكونوا عالمين بوقت حدوثه وبوقت نقصانه.


الصفحة التالية
Icon