وقيل : إن الضمير راجع إلى كل واحد من الشمس والقمر، كما قيل في قوله تعالى :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تجارة أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا ﴾ [ الجمعة : ١١ ].
وفي قول الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما... عندك راض والرأي مختلف
وقد قدّمنا تحقيق هذا فيما سبق من هذا التفسير، والأولى رجوع الضمير إلى القمر وحده، كما في قوله تعالى :﴿ والقمر قدرناه مَنَازِلَ ﴾ [ ياس : ٣٩ ]، ثم ذكر بعض المنافع المتعلقة بهذا التقدير، فقال :﴿ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب ﴾ فإن في العلم بعدد السنين من المصالح الدينية والدنيوية ما لا يحصى، وفي العلم بحساب الأشهر والأيام والليالي من ذلك ما لا يخفى، ولولا هذا التقدير الذي قدّره الله سبحانه، لم يعلم الناس بذلك ولا عرفوا ما يتعلق به كثير من مصالحهم.
والسنة تتحصل من اثني عشر شهراً، والشهر يتحصل من ثلاثين يوماً إن كان كاملاً، واليوم يتحصل من ساعات معلومة هي : أربع وعشرون ساعة لليل والنهار، قد يكون لكل واحد منهما اثنتا عشرة ساعة في أيام الاستواء، ويزيد أحدهما على الآخر في أيام الزيادة وأيام النقصان، والاختلاف بين السنة الشمسية والقمرية معروف ؛ ثم بيّن سبحانه أنه ما خلق الشمس والقمر، واختلاف تلك الأحوال إلا بالحق والصواب، دون الباطل والعبث، فالإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى المذكور قبله، واستثناء مفرّغ من أعم الأحوال، ومعنى تفصيل الآيات تبينها، والمراد بالآيات التكوينية أو التنزيلية أو مجموعهما، وتدخل هذه الآيات التكوينية المذكورة هنا دخولاً أوّلياً في ذلك.
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، ويعقوب :﴿ يفصل ﴾ بالتحتية.
وقرأ ابن السميفع "تفصل" بالفوقية على البناء للمفعول.
وقرأ الباقون بالنون.


الصفحة التالية
Icon