وقال الخازن :
﴿ وإذا مس الإنسان الضر ﴾
أي الشدة والجهد والمراد بالإنسان في هذه الآية الكافر ﴿ دعانا لجنبه ﴾ أي على جنبه مضطجعاً ﴿ أو قاعداً أو قائماً ﴾ يريد جميع حالاته لأن الإنسان لا ينفك عن إحدى هذه الحالات الثلاث والمعنى أن المضرور لا يزال داعياً في جميع حالاته إلى أن ينكشف ضره سواء كان مضطجاً أو قائماً أو قاعداً وهذا القول فيه بعد لأن ذكر الدعاء إلى هذه الأحوال أقرب من ذكر الضر ﴿ فلما كشفنا عنه ضره ﴾ يعني فلما أزلنا عنه ما نزل به من الضر ودفعنا عنه ﴿ مر ﴾ يعني على طريقته الأولى قبل مس الضر ﴿ كأن لم يدعنا ﴾ فيه حذف تقديره كأنه لم يدعنا وإنما أسقط الضمير على سبيل التخفيف ﴿ إلى ضر مسه ﴾ والمعنى أنه استمر على حالته الأولى قبل أن يمسه الضر ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء والضيق والفقر ﴿ كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ﴾ يعني مثل ما زين لهذا الكافر هذا العمل القبيح كذلك زين للمسرفين والمزين هو الله سبحانه وتعالى لأنه مالك الملك والخلق كلهم عبيده يتصرف فيهم كيف يشاء وقيل المزين هو الشيطان وذلك بأقدار الله إياه على ذلك والمسرف هو المجاوز الحد في كل شيء وإنما سمي الكافر مسرفاً لأنه أتلف نفسه ويضعها في عبادة الأصنام وأتلف ماله وضيعه في البحائر والسوائب وما كانوا ينفقونه على الأصنام وسدنتها يعني خدامها.
وقال ابن جريج : في قوله كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون يعني من الدعاء عند المصيبة وترك الشكر عند الرخاء.
وقيل : كما زين لكم أعمالكم كذلك زين للمسرفين الذين كانوا من قبلكم أعمالهم.


الصفحة التالية
Icon