نجزي القوم المجرمين فهذا وعيد شديد لمن أجرم، يدخل فيه أهل مكة وغيرهم.
وقرأت فرقة : يجزي بالياء، أي يجزى الله، وهو التفات.
والخطاب في جعلناكم لمن بعث إليهم رسول الله ( ﷺ ).
وقيل : خطاب لمشركي مكة، والمعنى : استخلفناكم في الأرض بعد القرون المهلكة لننظر أتعملون خيراً أم شراً فنعاملكم على حسب عملكم.
ومعنى لننظر : لنتبين في الوجود ما عملناه أولاً، فالنظر مجاز عن هذا.
قال الزمخشري : فإنْ قلت : كيف جاز النظر على الله تعالى وفيه معنى المقابلة؟ ( قلت ) : هو مستعار للعلم المحقق الذي هو علم بالشيء موجود، أشبه بنظر الناظر وعيان المعاين في حقيقته انتهى.
وفيه دسيسة الاعتزال، وأنه يلزم من النظر المقابلة، وفيه إنكار وصفه تعالى بالبصير ورده إلى معنى العلم.
وقيل : لننظر، هو على حذف مضاف أي : لينظر رسلنا وأولياؤنا.
وأسند النظر إلى الله مجازاً، وهو لغيره.
وقرأ يحيى بن الحرث الزماري : لنظر، بنون واحدة وتشديد الظاء وقال : هكذا رأيته في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويعني : أنه رآها بنون واحدة، لأن النقط والشكل بالحركات والتشديدات إنما حدث بعد عثمان، ولا يدل كتبه بنون واحدة على حذف النون من اللفظ، ولا على إدغامها في الظاء، لأن أدغام النون في الظاء لا يجوز، ومسوغ حذفها أنه لا أثر لها في الأنف، فينبغي أن تحمل قراءة يحيى على أنه بالغ في إخفاء الغنة، فتوهم السامع أنه إدغام، فنسب ذلك إليه.
وكيف معموله لتعملون، والجملة في موضع نصب لننظر، لأنها معلقة.
وجاز التعليق في نظر وإن لم يكن من أفعال القلوب، لأنها وصلة فعل القلب الذي هو العلم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon