وذكر بعض المحققين أن التحقيق أن معنى كيف السؤال عن الأحوال والصفات لا عن الذوات وغيرها فالسؤال هنا عن أحوالهم وأعمالهم ولا معنى للسؤال عن العمل إلا عن كونه حسناً أو قبيحاً وخيراً أو شراً فكيف ليست مجازاً بل هي على حقيقتها، ثم إن استعمال النظر بمعنى العلم مجاز حيث شبه بنظر الناظر وعيان المعاين في تحققه، والكلام استعارة تمثيلية مرتبة على استعارة تصريحية تبعية، والمراد يعاملكم معاملة من يطلب العلم بأعمالكم ليجازيكم بحسبها كقوله تعالى :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ المُلك : ٢ ] وقيل يمكن أن يقال : المراد بالعلم المعلوم فحينئذ يكون هذا مجازاً مرتباً على استعارة، وأيا ما كان فلا يلزم أن لا يكون الله سبحانه وتعالى عالماً بأعمالهم قبل استخلافهم، وليس مبني تفسير النظر بالعلم على نفي الرؤية كما هو مذهب بعض القدرية القائلين بأنه جل شأنه لا يرى ولا يرى فأنا ولله تعالى الحمد ممن يقول : إنه تبارك وتعالى يرى ويري والشروط في الشاهد ليست شروطاً عقلية كما حقق في موضعه، وان الرؤية صفة مغايرة للعلم وكذا السمع أيضاً، وممن يقول أيضاً : إن صور الماهيات الحادثة مشهودة لله تعالى أزلا في حال عدمها في أنفسها في مرايا الماهيات الثابتة عنده جل شأنه بل هو مبني على اقتضاء المعنى له فإنك إذا قلت : أكرمتك لأرى ما تصنع فمعناه أكرمتك لأختبرك وأعلم صنعك فأجازيك عليه، ومن هنا يعلم أن حمل النظر على الانتظار والتربص كما هو أحد معانيه ليس بشيء، وبعض الناس حمل كلام بعض الأفاضل عليه وارتكاب شططاً وتكلم غلطاً.
﴿ هذا ﴾ وقرىء ﴿ لنظر ﴾ بنون واحدة وتشديد الظاء ووجه ذلك أن النون الثانية قلبت ظاءاً وأدغمت. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon